منتدى التعليم الجزائري
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المواضيع الأخيرة
الضمـان الاجتماعـي الثلاثاء يونيو 05, 2018 8:31 pmakila taibi
ديداكتيك اللغة العربية الأصيلةالثلاثاء يونيو 05, 2018 8:30 pmakila taibi
دور الاسرة في التربية والتعليمالثلاثاء يونيو 05, 2018 8:29 pmakila taibi
قرص التربية الاجتماعية - رابعة متوسطالثلاثاء يونيو 05, 2018 8:28 pmakila taibi
السلام عليكم و رحمة اللهالثلاثاء يونيو 05, 2018 7:59 pmakila taibi
أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
1381 المساهمات
296 المساهمات
161 المساهمات
103 المساهمات
97 المساهمات
77 المساهمات
71 المساهمات
58 المساهمات
56 المساهمات
44 المساهمات
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
أفضل 10 أعضاء في هذا الشهر
لا يوجد مستخدم
Math44® Copyright

اذهب الى الأسفل
akila taibi
akila taibi
مدير المنتدى
مدير المنتدى
عدد المساهمات : 1381
نقاط : 3771
تاريخ التسجيل : 12/04/2013

فلسفة : مقالة هل يمكن اعتبار القوة وسيلة مشروعة لنيل الحقوق؟ Empty فلسفة : مقالة هل يمكن اعتبار القوة وسيلة مشروعة لنيل الحقوق؟

الجمعة سبتمبر 06, 2013 6:32 pm
الطريقة : جدلية طرح المشكلة : إن العدالة مبدأ أخلاقي سامي ، سعت المجتمعات قديمها وحديثها إلى جعلها واقعا ملموسا بين افرداها ، ولا يمكن أن يحصل ذلك إلا إذا أُعطي كل ذي حق حقه ، والحق هو الشيء الثابت الذي لا يجوز إنكاره طبيعيا كان أو اجتماعيا أو أخلاقيا . إلا أن المفكرين والفلاسفة اختلفوا في الوسائل التي تمكننا من نيل هذه الحقوق ، فاعتقد البعض منهم بأن القوة وسيلة مشروعة لتحقيقها ، فهل يمكن اعتبار القوة – حقيقة – أداة مشروعة لنيل الحقوق ؟ بمعنى : هل يمكن تأسيس الحقوق على أساس القوة ؟محاولة حل المشكلة :1-أ- الأطروحة : لقد ذهب فريق من الفلاسفة إلى اعتبار القوة أداة مشروعة لنيل الحقوق ، وأساس سليما يمكن أن تقوم عليه هذه الحقوق ، ونجد من بين هؤلاء المفكر الايطالي " ميكيافليي " الذي يرى أن : « الغاية تبرر الوسيلة » ، حتى وان كانت الوسيلة لا أخلاقية ، فإذا كان الانتصار ومن ثـمّ نيل الحقوق هو ضالة الحاكم وهدفه ، فلابد من استعمال القوة إذا كان الأمر يستدعي ذلك . أما الفيلسوف الانجليزي " توماس هوبز " فيرى أن القوي هو الذي يحدد الخير والشر . بينما الفيلسوف الهولندي " سبينوزا " يرى : « أن كل فرد يملك من الحق بمقدار ما يملك من القوة » كما أشاد الفيلسوف الألماني " نيتشه " بإرادة القوة حلى حساب الضعفاء . ونجد – في الأخير –. الفيلسوف الألماني المادي " كارل ماركس " الذي يذهب إلى أن الحقوق ماهي إلا مظهرا لقوة الطبقة المسيطرة اجتماعيا والمهيمنة اقتصاديا . وعليه فالقوة – حسب هؤلاء – أداة مشروعة بل وضرورية لنيل الحقوق .1-ب- الحجة : وما يؤكد مشروعية القوة كوسيلة لاكتساب الحقوق هو تاريخ المجتمعات الإنسانية نفسه ؛ إذ يثبت بأن كثيرا من الحقوق وجدت بفضل استخدام القوة ، فقيام النزاعات والثورات انتهت في معظمها بتأسيس الكثير من الحقوق ، التي صارت فيما بعد موضع اعتراف من طرف الجميع ، مثال ذلك أن الكثير من الشعوب المستعمرة استردت حريتها – كحق طبيعي – بفعل الثورة المسلحة أي القوة العسكرية .كما أن المجتمع الدولي حاليا يثبت بأن الدول التي تتمتع بحق النقض ( الفيتو) في مجلس الأمن هي الدول القوية اقتصاديا واجتماعيا .1-جـ- النقد : لا ننكر أن بعض الحقوق تـمّ نيلها عن طريق القوة ، لكن ذلك لا يدعونا إلى التسليم أنها – أي القوة – وسيلة مشروعة للحصول على جميع الحقوق ، لأن ذلك يؤدي إلى انتشار قانون الغاب فيأكل بموجبه القوي الضعيف ، وبالتالي تفسد الحياة الاجتماعية وتهدر الكثير من الحقوق .إضافة إلى ذلك فالقوة أمر نسبي أي متغير ، فالقوي اليوم ضعيف غداً والعكس صحيح ، ولأجل ذلك فإن الحق الذي يتأسس على القوة يزول بزوالها .2-أ- نقيض الأطروحة : خلافا للموقف السابق ، يذهب فريق من الفلاسفة إلى الاعتقاد أن القوة لا يمكن أن تعتبر وسيلة سليمة ومشروعة لنيل الحقوق ، ولا ينبغي بأي حال من الأحول أن تكون أساسا للحقوق . و الذين يدافعون عن هذه الوجهة من النظر الفيلسوف الفرنسي " جان جاك روسو " الذي يقول : « إن القوة سلطة مادية ، ولا أرى بتاتا كيف تنجم الأخلاقية من نتائجها » ، فالقوة بهذا المعنى لا يمكن أن تصنع الحق ، ولعل هذه ما ذهب إليه الزعيم الهندي " غاندي " عندما بـيّـن أن استخدام القوة في سبيل نيل الحقوق ما هو سوى مجرد فلسفة مادية لا أخلاقية ، حيث يقول : « إننا سوف نكسب معركتنا لا بمقدار ما نقتل من خصوم ، ولكن بمدار ما نقتل في نفوسنا الرغبة في القتل » . وعلى هذا الأساس فالقوة غير مشروعة في نيل الحقوق .2-ب – الحجة : لأنه من التناقض الحصول على حقوق تمتاز بأنها أخلاقية بوسائل لا أخلاقية " القوة " ، فالحقوق من القيم التي تتأسس علها العدالة ، وعليه فالعدل والحق من المبادئ الأخلاقية ومن ثـمّ لا يجوز تحقيقهما بوسائل لا أخلاقية ، لأن أخلاقية الغاية تفرض بالضرورة أخلاقية الوسيلة .كما أن ثبات الكثير من الحقوق يستبعد تأسيسها على القوة أو الاعتماد عليها في تحصيلها ، لأنها متغيرة ، وكل ما تأسس على متغير كان متغيرا بالضرورة .ثم إن تاريخ المجتمعات يؤكد – من جهة أخرى – أن نسبة كبيرة من الحقوق التي يتمتع بها الأفراد ، لم يعتمد على القوة في نيلها وتحصيلها .2- النقد : ولكن القول أن القوة ليست مشروعة في نيل الحقوق ، لا يمنع من كونها وسيلة مشروعة للدفاع عن هذه الحقوق ضد مغتصبيها ، أو للمطالبة بها إن اقتضت الضرورة .3- التركيب : إن الحقوق - من حيث هي مكاسب مادية ومعنوية يتمتع بها الأفراد يخولها لهم القانون وتفرضها الأعراف – لا يمكن إرجاعها إلى أساس واحد نظرا لتعدد أسسها ، فمنها ما يتأسس على طبيعة الإنسان ذاتها ، ومنها ما يتأسس على أساس اجتماعي من حيث إن المجتمع هو الذي يمنحها لأفراده ، ومنها ما يتأسس على إيماننا الباطني بها واحترامنا لها .حل المشكلة : وهكذا يتضح انه لا يمكن اعتبار القوة أساسا سليما للحقوق ، ولا وسيلة مشروعة لنيلها ، وإن كان ذلك لا يمنعنا من اللجوء إلى القوة للدفاع عن الحقوق أو المطالبة بها .
 
 
المقالة الرابعة عشر : هل تتأسس العدالة الاجتماعية على المساواة أم على التفاوت ؟ جدليةطرح المشكلة :كل مجتمع من المجتمعات يسعى إلى تحقيق العدل بين أفراده ، وذلك بإعطاء كل ذي حق حقه ، ومن هنا ينشأ التناقض بين العدالة التي تقتضي المساواة ، وبين الفروق الفردية التي تقتضي مراعاتها ، إذ إن تأسيس العدالة على المساواة يوقع الظلم بحكم وجود تفاوت طبيعي بين الأفراد ، وتأسيسها على التفاوت فيه تكريس للطبقية والعنصرية ؛ مما يجعلنا نطرح المشكلة التالية : ما هو المبدأ الأمثل الذي يحقق عدالة موضوعية : هل هو مبدأ المساواة أم مبدأ التفاوت ؟محاولة حل المشكلة :عرض الأطروحة : يرى البعض أن العدالة تتأسس على المساواة ، على اعتبار ان العدالة الحقيقية تعني المساواة بين الجميع الأفراد في الحقوق والواجبات وأمام القانون ، وأي تفاوت بينهم يعد ظلم ، ويدافع عن هذا الرأي فلاسفة القانون الطبيعي وفلاسفة العقد الاجتماعي وكذا أنصار المذهب الاشتراكي .الحجة :- ويؤكد ذلك ، ان الأفراد – حسب فلاسفة القانون الطبيعي - الذين كانوا يعيشون في حالة الفطرة كانوا يتمتعون بمساواة تامة وكاملة فيما بينهم ، ومارسوا حقوقهم الطبيعية على قدم المساواة ، لذلك فالأفراد سواسية ، فـ« ليس هناك شيء أشبه بشيء من الإنسان بالإنسان » ، وعليه فالعدالة تقتضي المساواة بين جميع الأفراد في الحقوق والواجبات بحكم بطبيعتهم المشتركة ، ومادام الناس متساوون في كل شيء فما على العدالة إلا ان تحترم هذه المساواة .- أما فلاسفة العقد الاجتماعي ، فيؤكدون ان انتقال الإنسان من المجتمع الطبيعي إلى المجتمع السياسي تـمّ بناءً على تعاقد ، وبما ان الأفراد في المجتمع الطبيعي كانوا يتمتعون بمساواة تامة وكاملة ، لم يكونوا ليقبلوا التعاقد ما لم يعتبرهم المتعاقدون معهم مساوين لهم ، فالمساواة شرط قيام العقد ، وبالتالي فالعقد قائم على عدالة أساسها المساواة بين الجميع في الحقوق والواجبات .- في حين ان الاشتراكيين يرون ان لا عدالة حقيقية دون مساواة فعلية بين الأفراد في الحقوق والواجبات ، ولا تتحقق المساواة دون الإقرار بمبدأ الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج ، التي تتيح للجميع التمتع بهذا الحق ، لأن الملكية الخاصة تكرّس الطبقية والاستغلال وهي بذلك تقضي على روح المساواة التي هي أساس العدالة .النقد : إن أنصار المساواة مثاليون في دعواهم إلى إقامة مساواة مطلقة ، ويناقضون الواقع ، لأن التفاوت الطبيعي أمر مؤكد ، فالناس ليسوا نسخا متطابقة ولا متجانسين في كل شيء ، والفروق الفردية تؤكد ذلك ، ومن ثـمّ ففي المساواة ظلم لعدم احترام الفروق الفردية الطبيعية .عرض نقيض الأطروحة : وبخلاف ما سبق ، يرى البعض الأخر ان العدالة لا تعني بالضرورة المساواة ، بل ان في المساواة ظلم لعدم احترام الاختلافات بين الناس ، ومن هذا المنطلق فإن العدالة الحقيقة تعني تكريس مبدأ التفاوت ، إذ ليس من العدل ان نساوي بين أناس متفاوتين طبيعيا . ويذهب إلى هذه الوجهة من النظر فلاسفة قدامى ومحدثين وأيضا بعض العلماء في ميدان علم النفس والبيولوجيا .الحجة :- فأفلاطون قديما قسم المجتمع إلى ثلاث طبقات : طبقة الحكماء وطبقة الجنود وطبقة العبيد ، وهي طبقات تقابل مستويات النفس الإنسانية : النفس العاقلة والغضبية والشهوانية ، وهذا التقسيم يرجع إلى الاختلاف بين الأفراد في القدرات والمعرفة والفضيلة ، وعلى العدالة ان تحترم هذا التمايز الطبقي ، ومن واجب الدولة ان تراعي هذه الفوارق أيضا وتوزع الحقوق وفق مكانة كل فرد .- أما أرسطو فاعتبر التفاوت قانون الطبيعة ، حيث ان الناس متفاوتين بطبيعتهم ومختلفين في قدراتهم وفي إرادة العمل وقيمة الجهد المبذول ، وهذا كله يستلزم التفاوت في الاستحقاق ؛ فلا يجب ان يحصل أناس متساوون على حصص غير متساوية ، أو يحصل أناس غير متساويين على حصص متساوية .- وحديثا يؤكد ( هيجل 1770 – 1831 ) على مبدأ التفاوت بين الأمم ، وان الأمة القوية هي التي يحق لها امتلاك كل الحقوق وتسيطر على العالم ، على أساس أنها أفضل الأمم ، وعلى الأمم الأخرى واجب ، هو الخضوع للأمة القوية.- وفي نفس الاتجاه ، يذهب ( نيتشه 1844 – 1900 ) ان التفاوت بين الأفراد قائم ولا يمكن إنكاره ، فيقسم المجتمع إلى طبقتين : طبقة الأسياد وطبقة العبيد ، وان للسادة أخلاقهم وحقوقهم ، وللعبيد أخلاقهم وواجباتهم .- أما أنصار المذهب الرأسمالي فيقيمون العدل على أساس التفاوت ، فالمساواة المطلقة مستحيلة وفيها ظلم ، إذ لا يجب مساواة الفرد العبقري المبدع بالفرد العادي الساذج ، ولا العامل المجد البارع بالعامل الكسول الخامل ، بل لابد من الاعتراف بهذا التفاوت وتشجيعه ، لأن ذلك يبعث على الجهد والعمل وخلق جو من المنافسة بين المتفاوتين .- ويؤكد بعض العلماء ان كل حق يقابله واجب ، غير ان قدرة الأفراد في رد الواجب المقابل للحق متفاوتة في مجالات عدة : فمن الناحية البيولوجية ، هناك اختلاف بين الناس في بنياتهم البيولوجية والجسمانية ، مما ينتج عنه اختلاف قدرتهم على العمل ورد الواجب ، لذلك فليس من العدل مساواتهم في الحقوق ، بل يجب ان نساعد أولئك الذين يملكون أفضل الأعضاء والعقول على الارتقاء اجتماعيا ، يقول الطبيب الفيزيولوجي الفرنسي ( ألكسيس كاريل 1873 – 1944 ) : « بدلا من ان نحاول تحقيق المساواة بين اللامساواة العضوية والعقلية ، يجب توسيع دائرة هذه الاختلافات وننشئ رجالا عظماء » . ومن الناحية النفسية ، نجد تمايز بين الأفراد من حيث مواهبهم وذكائهم وكل القدرات العقلية الأخرى ، ومن العبث ان نحاول مساواة هؤلاء المتفاوتون طبيعيا .وأخيرا ومن الناحية الاجتماعية ، فالناس ليسوا سواء ، فهناك الغني الذي يملك والفقير الذي لا يملك ، والملكية حق طبيعي للفرد ، وليس من العدل نزع هذه الملكية ليشاركه فيها آخرين بدعوى المساواة .النقد : ان التفاوت الطبيعي بين الأفراد أمر مؤكد ولا جدال فيه ، غير انه لا ينبغي ان يكون مبررا لتفاوت طبقي أو اجتماعي أو عرقي عنصري . كما قد يكون الاختلاف في الاستحقاق مبنيا على فوارق اصطناعية لا طبيعية فيظهر تفاوت لا تحترم فيه الفروق الفردية .التركيب :ان المساواة المطلقة مستحيلة ، والتفاوت الاجتماعي لا شك انه ظلم ، وعلى المجتمع ان يحارب هذا التفاوت ليقترب ولو نسبيا من العدالة ، ولا يكون ذلك إلا بتوفير شروط ذلك ، ولعل من أهمها إقرار مبدأ تكافؤ الفرص والتناسب بين الكفاءة والاستحقاق ومحاربة الاستغلال .حل المشكلة : وهكذا يتضح ان العدالة هي ما تسعى المجتمعات قديمها وحديثها إلى تجسيدها ، ويبقى التناقض قائما حول الأساس الذي تبنى عليه العدالة ، غير ان المساواة – رغم صعوبة تحقيقها واقعا – تبقى هي السبيل إلى تحقيق هذه العدالة كقيمة أخلاقية عليا .المقالة الخامسة عشر : هل يمكن إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية ؟ جدلية .I- طرح المشكلة : إن الدولة وجدت لأجل غايات ذات طابع أخلاقي ، مما يفرض أن تكون الممارسة السياسية أيضا أخلاقية ، إلا أن الواقع يكشف خلاف ذلك تماماً ، سواء تعلق الأمر بالممارسة السياسية على مستوى الدولة الواحدة أو على مستوى العلاقات بين الدول ، حيث يسود منطق القوة والخداع وهضم الحقوق .. وكأن العمل السياسي لا ينجح إلا إذا أُبعدت القيم الأخلاقية ؛ فهل فعلا يمكن إبعاد الاعتبارات الأخلاقية من العمل السياسي ؟- محاولة حل المشكلة :1-أ- عرض الأطروحة : يرى بعض المفكرين ، أن لا علاقة بين الأخلاق والسياسة ، لذلك يجب إبعاد الاعتبارات الأخلاقية تماماً من العمل السياسي ، وهو ما يذهب إليه صراحة المفكر الايطالي " ميكيافليي 1469 –1527 " في كتابه " الأمير " ، حيث يرى أن مبدأ العمل السياسي هو : « الغاية تبرر الوسيلة » ، فنجاح العمل السياسي هو ما يحققه من نتائج ناجحة كاستقرار الدولة وحفظ النظام وضمان المصالح الحيوية .. بغض النظر عن الوسائل المتبعة في ذلك حتى وإن كانت لا أخلاقية ، بل ويذهب إلى أبعد من ذلك ، فيزعم أن الأخلاق تضر بالسياسة وتعرقل نجاحها ، وان الدول التي تبني سياستها على الأخلاق تنهار بسرعة.ويوافقه في ذلك أيضاً فيلسوف القوة " نيتشه 1844 –1900 " ، الذي يرى أن السياسة لا تتفق مع الأخلاق في شيء ، والحاكم المقيد بالأخلاق ليس بسياسي بارع ، وهو لذلك غير راسخ على عرشه ، فيجب على طالب الحكم من الالتجاء إلى المكر والخداع والرياء ، فالفضائل الإنسانية العظيمة من الإخلاص والأمانة والرحمة والمحبة تصير رذائل في السياسة . وعلى الحاكم أن يكون قوياً ، لأن الأخلاق هي سلاح الضعفاء ومن صنعهم .1-ب – الحجة : وما يبرر ذلك أن المحكوم إنسان ، والإنسان شرير بطبعه ، يميل إلى السيطرة والاستغلال والتمرد وعدم الخضوع إلى السلطة المنظمة ، ولو ترك على حاله لعاد المجتمع إلى حالته الطبيعية ، فتسود الفوضى والظلم واستغلال القوي للضعيف ، ويلزم عن ذلك استعمال القوة وجميع الوسائل لردع ذلك الشر حفاظا على استقرار الدولة وبقائها .ومن جهة ثانية ، فالعلاقات السياسية بين الدول تحكمها المصالح الحيوية الإستراتيجية ، فتجد الدولة نفسها بين خيارين : إما تعمل على تحقيق مصالحها بغض النظر عن الاعتبارات الأخلاقية ، وإما تراعي الأخلاق التي قد لا تتفق مع مصالحها ، فتفقدها ويكون مصيرها الضعف والانهيار .1جـ - النقد : ولكن القول أن الإنسان شرير بطبعه مجرد زعم وافتراض وهمي ليس له أي أساس من الصحة ؛ فالإنسان مثلما يحمل الاستعداد للشر يحمل أيضا الاستعداد للخير ، ووظيفة الدولة تنمية جوانب الخير فيه ، أما لجوئها إلى القوة فدليل على عجزها عن القيام بوظيفتها ، وإلا فلا فرق بين الدولة كمجتمع سياسي منظم والمجتمع الطبيعي حيث يسود منطق الظلم والقوة .هذا ، واستقراء ميكيافليي للتاريخ استقراء ناقص ، مما لا يسمح بتعميم أحكامه ، فهو يؤكد – من التاريخ – زوال الدول التي بنيت على أسس أخلاقية ، غير أن التاريخ نفسه يكشف ان الممارسة السياسية في عهد الخلفاء الراشدين كانت قائمة على أساس من الأخلاق ، والعلاقة بين الخليفة والرعية كانت تسودها المحبة والأخوة والنصيحة ، مما أدى إلى ازدهار الدولة لا انهيارها .وأخيراً ، فالقوة أمر نسبي ، فالقوي اليوم ضعيف غداً ، والواقع أثبت أن الدول والسياسات التي قامت على القوة كان مصيرها الزوال ، كما هو الحال بالنسبة للأنظمة الاستبدادية الديكتاتورية .2-أ- عرض نقيض الأطروحة : وخلافا لما سلف ، يعتقد البعض الأخر أنه من الضروري مراعاة القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية ، سواء تعلق الأمر بالعلاقة التي تربط الحاكم والمحكومين على مستوى الدولة الواحدة ، أو على مستوى العلاقات بين الدول . ومعنى ذلك ، أن على السياسي أن يستبعد كل الوسائل اللااخلاقية من العمل السياسي ، وأن يسعى إلى تحقيق العدالة والأمن وضمان حقوق الإنسان الطبيعية والاجتماعية . وهذا ما دعا إليه أغلب الفلاسفة منذ القديم ، فهذا " أرسطو " يعتبر السياسة فرعاً من الأخلاق ، ويرى أن وظيفة الدولة الأساسية هي نشر الفضيلة وتعليم المواطن الأخلاق . ثم حديثا الفيلسوف الألماني " كانط 1724 –1804 " ، الذي يدعو إلى معاملة الإنسان كغاية في ذاته وليس كمجرد وسيلة ، كما دعا في كتابه " مشروع السلام الدائم " إلى إنشاء هيئة دولية تعمل على نشر السلام وفك النزاعات بطرق سلمية وتغليب الأخلاق في السياسة ، وهو ما تجسد – لاحقا – في عصبة الأمم ثم هيئة الأمم المتحدة ، كما دعا إلى ضرورة قيام نظام دولي يقوم على الديمقراطية والتسامح والعدل والمساواة بين الشعوب والأمم . ومن بعده ألـحّ فلاسفة معاصرون على أخلاقية الممارسة السياسية ، أبرزهم الفرنسي " هنري برغسون 1856 – 1941 " و الانجليزي " برتراند رسل 1871 –1969 " .2-ب-الحجة: إن الدولة خصوصاً والسياسة عموما ً إنما وجدتا لأجل تحقيق غايات أخلاقية منعدمة في المجتمع الطبيعي ، وعليه فأخلاقية الغاية تفرض أخلاقية الوسيلة . كما أن ارتباط السياسة بالأخلاق يسمح بالتطور والازدهار نتيجة بروز الثقة بين الحكام والمحكومين ، فينمو الشعور بالمسؤولية ويتفانى الأفراد في العمل .ثم ان غياب الأخلاق وابتعادها من المجال السياسي يوّلد انعدام الثقة والثورات على المستوى الداخلي ، أما على المستوى الخارجي فيؤدي إلى الحروب ، مع ما فيها من ضرر على الأمن والاستقرار وإهدار لحقوق الإنسان الطبيعية ، وهذا كله يجعل الدولة تتحول إلى أداة قمع وسيطرة واستغلال .2-جـ النقد :لا يمكن إنكار أهمية دعوة الفلاسفة إلى أخلاقية الممارسة السياسية ، إلا ان ذلك يبقـى مجرد دعوة نظرية فقط ، فالقيم الأخلاقية وحدها – كقيم معنوية – لا تكفي لتجعل التنظيم السياسي قوياً قادراً على فرض وجوده وفرض احترام القانون ، ولا هي تستطيع أيضا ضمان بقاء الدولة واستمرارها ، وهو الأمر الذي يؤكد صعوبة تجسيد القيم الأخلاقية في الممارسة السياسية .3-التركيب :وفي الواقع أنه لا يمكن الفصل بين الأخلاق والسياسة ، لذلك فغاية الممارسة السياسية يجب أن تهدف إلى تجسيد القيم الأخلاقية وترقية المواطن والحفاظ على حقوقه الأساسية ، دون إهمال تحقيق المصالح المشروعة التي هي أساس بقاء الدولة وازدهارها .III– حل المشكلة : وهكذا يتضح ، أنه لا يمكن إطلاقا إبعاد القيم الأخلاقية من الممارسة السياسية رغم صعوبة تجسيدها في الواقع . ومن جهة أخرى ، فالأخلاق بدون قوة ضعف ، والقوة بدون أخلاق ذريعة للتعسف ومبرر للظلم . وعليه فالسياسي الناجح هو الذي يتخذ من القوة وسيلة لتجسيد القيم الأخلاقية وأخلاقية الممارسة السياسية .المقالة السادسة عشر : هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم النظام الاشتراكي ؟تختلف النظم الاقتصادية ماضيا باختلاف موقعها من الملكية وما يصل بها من حيث النوع والحقوق و الواجبات فهناك من حيث النوع قسمان ،ملكية فردية وهي التي يكون فيها المالك معنيا ، وملكية جماعية وهي التي يكون فيها المالك معنويا أي معين في شخص بعينه كالدولة و العشيرة و القبيلة ومن هنا فقد اختلف جمهور الفلاسفة في تحديد النظام الاقتصادي الذي يحقق ازدهاراً اقتصادياً و بالتالي نتساءل : هل النظام الرأسمالي كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة أم أن هناك نظاما آخر كفيل بذلك ؟ .يرى أنصار النظام الليبرالي ـ الرأسمالي ـ أن هذا الأخير كفيل بتحقيق حياة اقتصادية مزدهرة و يستندون في ذلك إلى حجج و براهين بحيث يعتمد على مبادئ تعد الركيزة الأساسية التي يستند إليها في تعامله ومن أهمها الملكية الفردية لوسائل الإنتاج و كذا المنافسة الحرة التي تضمن النوعية و الكمية والجودة بالإضافة إلى عدم تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية و كذلك نجد قانون العرض و الطلب وهو قانون طبيعي يحدد الأسعار و الأجور فإذا زاد الطلب قل العرض و العكس ، ومن كل هذا نستنتج أن فلسفة النظام الرأسمالي تقوم على مسلمة واحدة و أساسية هي أن سبب كل المشاكل الاقتصادية يرجع إلى تدخلالدولة في تحديد الأسعار و الأجور و الإنتاج ، فلا يزدهر الاقتصاد إلاّ إذا تحرر من كل القيود و القوى التي تعيق تطوره وفي هذا يقول آدم سميث أحد منظري الليبرالية دعه يعمل أتركه يمر)، و إذا كان تدخل الدولة يعمل على تجميد وشل حركة الاقتصاد فإن التنافس الحر بين المنتجين يعتبر الوقود المحرك للآلة الاقتصادية فالحرية الاقتصادية تفتح آفاقا واسعة للمبادرات الفردية الخلاقة بحيث أن كل المتعاملين يبذلون قصارى جهدهم لإنتاج ما هو أحسن وأفضل وبكمية أكبر و بتكلفة أقل ولا خوف في خضم هذا النشاط على حركة الأجور و الأسعار لأن قانون العرض و الطلب يقوم بتنظيم هاتين الحركتين و في هذا يرى آدم سميث أن سعر البضاعة يساوي ثمن التكلفة زائد ربح معقول ، لكن إذا حدث بسبب ندرة بضاعة معينة أن ارتفع سعر بضاعة ما فوق سعرها الطبيعي فإن هذه البضاعة تصبح مربحة في السوق الأمر الذي يؤدي بمنتجيها إلى المزيد من إنتاجها فيرتفع العرض و هذا يؤدي بدوره إلى انخفاض ثمنها و إذا زاد العرض عن الطلب بالنسبة لسلعة ما فإن منتجيها يتوقفون عن إنتاجها أو يقللون منه لأنها غير مربحة و هذا يؤدي آليا إلى انخفاض العرض ومن ثمة ارتفاع الأسعار من جديد يقول آدم سميث إن كل بضاعة معروضة في السوق تتناسب من تلقاء نفسها بصفة طبيعية مع الطلب الفعلي ) ، وما يميز هذا النظام أنه لا يتسامح مع الضعفاء و المتهاونين والمتكاسلين ، و الملكية الخاصة و حب الناس للثروة هو الحافز الأول و الأساسي للإنتاج ، لذلك فإن أكثر الناس حرصا على السير الحسن للعمل لأية وحدة إنتاجية هو مالكها ، بالإضافة إلى أن هذا النظام يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية على أساس أنه ليس من المعقول ومن العدل أن يحرم الفرد حيازته على شيء شقا وتعب كثيراً من أجله ، فبأي حق نمنع فردا من امتلاك ثمرة عمله وجهده ؟ . أن قيمة النظام الرأسمالي إذا نظرنا إليها من زاوية النجاح الاقتصادي لا يمكن أن توضع موضع الشك و التقدم الصناعي و التكنولوجي و العلمي الذي حققته الدول الرأسمالية دليل على ذلك ، ولكن هذا الرأي لم يصمد للنقد وذلك من خلال الانتقادات التي وجهها الاشتراكيون بقيادة كارل ماكس التي يمكن تلخيصها فيما يلي : أولاها أن النظام الرأسمالي لا إنساني لأنه يعتبر الإنسان مجرد سلعة كباقي السلع وثانيها أن النظام الرأسمالي يكثر من التوترات والحروب من أجل بيع أسلحته التي تعتبر سلعة مربحة و الدليل على هذا دول العالم الثالث وفي هذا يقول جوريسكا إن الرأسمالي تحمل الحروب كما يحمل السحاب المطر) ، كذلك يقول تشومبيتر الرأسمالية مذهب وجد ليدمر) ، وثالثها أن النظام الرأسمالي أدى إلى ظهور الطبقية ـ برجوازية وكادحة ـ كما أنه نظام لا يعرف فيه الإنسان الاستقرار النفسي بسبب طغيان الجانب المادي على الجانب الروحي كما أن هذا النظام أدى إلى ظهور الإمبريالية العالمية بالإضافة إلى أنه يوجد ظاهرة البطالة وكذا التمييز العنصري في شكل لا يعرف حداً وهذا النظام بدوره يقضي على الرأسماليين الصغار ، وأخيرا فإنه لا يوجد تناسب فيما يخص الأجور وساعات العمل يقول ماركس إن الرأسمالية تحمل في طياتها بذور فنائها) .وعلى عكس الرأي السابق نجد أنصار النظام الاشتراكي الذي ظهر على أنقاض الرأسمالية وأهم رواده كارل ماكس وزميله انجلز في كتابه ـ رأس المال ـ ويرى ماركس أن المادية الجدلية هي المحرك الأساسي للتاريخ فالنظام الاشتراكي يسعى من خلال توطين الشروط المادية إلى تحقيق العدالة الاجتماعية وحياة اقتصادية مزدهرة وهذا من خلال مبادئ و أسس أهمها : الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج ـ الأرض لمن يزرعها والمصانع للعمال ـ وكذلك التخطيط المركزي بالإضافة إلى اعتماد نظام التعاونيات في الإطار الفلاحي وفتح المجال أمام النشاط النقابي لحماية حقوق العمال وحل مشكلة فائض الإنتاج والصراع الطبقي وكذا اعتماد مبدأ تكافؤ الفرص ، فالنظام الاشتراكي يعتمد كلية على الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وذلك للقضاء على الظلم و استغلال الإنسان لأخيه الإنسان وبث الروح الجماعية والمسؤولية الجماعية في العمل وتعتبر الدولة هي الرأس المدبر و المخطط الأول و الأخير وهذا للقضاء على التنافس الذي يؤدي إلى الصراع وتحكم الفئة الثرية في المؤسسات الاقتصادية بحكم تعارض المصالح كما فتحت الدولة المجال أمام نظام النقابات وذلك لحماية حقوق العمال وللاشتراكية صور متعددة ما هو شبيه بالرأسمالية ومنها من يقترب من النظام الشيوعي ومنها ما هو وسط بين الطرفين .لاشك أن النظام الاشتراكي استفاد من بعض عيوب الرأسمالية لكنه لم يستفد من نقاطه أو جوانبه الإيجابية بل رفضه جملة وتفصيلاً وهذا الخطأ الذي ارتكبه المنظرون الاشتراكيون ضف إلى ذلك أنه بالرغم من الغايات الإنسانية التي يسعى إليها النظام الاشتراكي فقد أوجد جملة من السلبيات أهمها أنه فشل في إيجاد حلول لظاهرة التسيب و الإهمال و اللامبالاة وروح الاتكال كذلك أنه أوجد نوعا من التسيير البيروقراطي الإداري بالإضافة إلى ظهور المحسوبية و الرشوة وضعف الإنتاج في ظل غياب المنافسة وكثرة البطالة هذا بالإضافة إلى الخيال النظري الشيوعي الذي أدى إلى سوء تقدير الواقع و النتائج الاقتصادية ، كما أن توجه الدول الاشتراكية في انتهاج سياسة اقتصاد السوق و الانفتاح على العالم وهذا ما يؤكده الواقع المعاش .إن النظامين الاقتصاديين السابقين وإن اختلفا في المبادئ و الغايات الاقتصادية إلاّ أنهما مع ذلك لهما أساس علمي واحد يجمع بينهما فكلاهما ينظر للحياة الاقتصادية نظرة مادية ويقيمها على شروط موضوعية وهذا لا يعني أنهما تجردا من القيم الإنسانية ، غير أن فلسفة الاقتصاد في الإسلام تنظر إلى الحياة الاقتصادية نظرة أكثر شمولاً و تعتني بالنواحي الإنسانية عناية خاصة فقد تضمنت فلسفة الاقتصاد في الإسلام مبادئ وقواعد عامة لتنظيم الحياة الاقتصادية تنظيما أخلاقيا من أجل تحقيق حياة متوازنة بين الفرد و المجتمع وعلى هذا الأساس منحت الإنسان الحرية من الملكية لقوله?من عمر أرضا ليست لأحد فهو أحق بها )، وقوله أيضاً من أحي أرضا ميتة فهي له)، ولكن قيدها بالمصلحة العامة حتى لا تكون أداة لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وجعلها ملكية نسبية(حيث كل شيء لله)، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن الإسلام حرم كل أنواع الربا و الغش و الاحتكار وكل ضروب الاستغلال .وفي الأخير وكحوصلة لما سبق فإن الاقتصاد الحر لا يحقق لا الحياة المزدهرة ولا العدالة الاجتماعية لأنها منبع المصائب والأزمات أما الاشتراكية فإنها رغم فضحها لعيوب الرأسمالية لم يتسن لها تحقيق روح العدل ومن هنا فالنظام الذي يحقق الحياة المزدهرة إنما هو النظام الذي يجمع بين عنصري الاقتصاد و الأخلاق في آن واحد ألا وهو النظام الاقتصادي الإسلامي الذي يجعل من المال كوسيلة وليس كغاية يقول تعالى المال و البنون زينة الحياة الدنيا و الباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا )المقالة السابعة عشر : إذا كانت التجربة لا تعطينا عدداً خالصاً مجرداً ولا خطاً دون عرض ولا سطحاً دون سمك ، فهل يعني ذلك أن المفاهيم الرياضية ليست مستخلصة من التجربة الحسية ؟ (تصميم جزئي )I- طرح المشكلة :هل المفاهيم الرياضية أصلها عقلي أم تجريبي ؟II- محاولة حل المشكلة :1-أ- عرض الأطروحة :يرى أصار النزعة العقلية المثالية أن المفاهيم الرياضية ليست مستخلصة من التجربة الحسية ، بل هي مفاهيم عقلية خالصة .1-ب- الحجة :- لأن المفاهيم الرياضية مفاهيم مجردة أنشأها العقل و استنبطها من مبادئه الأساسية ( الهوية ، عدم التناقض ، الثالث المرفوع ) من دون الحاجة إلى الرجوع إلى الواقع الحسي .- ان التجربة لا تعطينا عدداً خالصاً مجرداً ولا خطاً دون عرض ولا سطحاً دون سمك ، مما يعني ان المفاهيم الرياضية نابعة من العقل وموجودة فيه بصورة قبلية .- المفاهيم الرياضية هي حقائق معقولة وهي مفاهيم أزلية وثابتة ، والعقل كان يدركها في عالم المثل ، ولكن عند مفارقته لهذا العالم نسيها ، وما عليه إلا تذكرها ( أفلاطون ) .- ان المفاهيم الرياضية هي مفاهيم فطرية تتميز بالبساطة والبداهة واليقين ، وبما ان العقل قاسم مشترك بين جميع الناس ، فإن الناس جميعهم بإمكانهم إدراك هذه المفاهيم ( ديكارت ) .1-جـ- النقد : إن الطفل الصغير يمزج بين العدد والشيء المعدود . وتاريخ الرياضيات يقدم لنا الشواهد على ان العمل الرياضي بدأ حسيا ، وتدرج شيئا فشيئا نحو التجريد بإدخال الصفر والعدد السالب والعدد الكسري ... ثم لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية لتساوى في العلم بها الجميع ، لكنها مفاهيم لا يدركها إلا القلة القليلة من المتخصصين .2-أ- عرض الأطروحة :يؤكد أنصار النزعة الحسية التجريبية ان المفاهيم الرياضية مثل سائر معارفنا مستمدة من التجربة الحسية .2-ب- الحجة :مجموعة من الأشجار اوحت بفكرة العدد ، وان بعض الأشياء الطبيعية اوحت بالأشكال الهندسية ، فشكل الشمس مثلا أوحى بفكرة الدائرة ، وان الإنسان في أقدم العصور استعان في العدّ بالحصى والأصابع .. ثم ان تجربة مسح الأراضي عند قدماء المصريين هي التي أدت إلى نشوء علم الهندسة . وان الهندسة اسبق ظهورا من الحساب أو الجبر لأنها اقرب إلى التجربة .2-جـ- النقد : ان المفاهيم الرياضية ليست كما اعتقد التجريبيون مستمدة من التجربة الحسية ، فهذه الأخيرة لم تكن الا حافزا للعقل على تجريد المعاني الرياضية .3- التركيب : في الحقيقة ان هناك تلازم بين العقل والتجربة ، فلا وجود لمعرفة عقلية خالصة ولا لمعرفة تجريبية خالصة . وعلى هذا الأساس ، فإنه من المنطق القول ان أصل الرياضيات يعود إلى التجربة الحسية ، فهي قبل ان تصبح علما عقليا قطعت مرحلة كلها تجريبية ، ولكن العقل جرّد تلك المعاني الحسية ، فأصبحت مفاهيم مجردة .III- حل المشكلة : إن أصل المفاهيم الرياضية هو التجربة الحسية ، ثم أصبحت مفاهيم مجردة لا علاقة لها بالواقع .المقالة الثامنة عشر : إذا كان العقليون يرجعون المفاهيم الرياضية إلى العقل والتجريبيون إلى التجربة . فكيف يمكن تهذيب هذا التناقض ؟ جدلية1- طرح المشكلة : لقد أولع الإنسان منذ الزمن الغابر على طلب الحقيقة بكل أصنافها ؛ منها النمط الفلسفي و النمط العلمي و أعظمها شأنا النمط الرياضي ، الذي واكب كل تطورات الإنسان عبر العصور و ميز أعظم الحضارات بقوتها المادية ، لكن التفكير الفلسفي - سيد المعارف في العصور القديمة و العصور الوسطى – اهتم بالمعرفة الرياضية اهتماما تعلق بمناهجها ، بمنطلقاتها ، و قبله تساءل حول نشأتها ؛ فانقسم المفكرون في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية إلى نزعتين ، نزعة عقلية أو مثالية يرى أصحابها أن المفاهيم الرياضية من ابتكار العقل دون التجربة ، ونزعة تجريبية أو حسية يذهب أنصارها إلى أن المفاهيم الرياضية مهما بلغت من التجريد العقلي ، فإنها ليست من العقل في شيء ، بل يكتسبها الإنسان عن طريق تجاربه الحسية . فما حقيقة الأمر؟ فهل المفاهيم الرياضية في نموها انبثقت من التجربة أم من العقل ؟ أي الفريقين على صواب ؟2 – محاولة حل المشكلة :1 - الأطروحة والبرهنة عليها : إن المفاهيم الرياضية ، فيما يرى الموقف العقلي أو المثالي ، نابعة من العقل و موجودة فيه قبليا ، أي بمعزل عن كل تجربة . فهي توجد في العقل قبل الحس أي أن العقل لم يفتقر في البداية إلى مشاهدة العالم الخارجي حتى يتمكن من تصور مفاهيمه - ودليلهم على ذلك أننا إذا تصفحنا تلك المعرفة وجدناها تتصف بمميزات منها ، المطلقية و الضرورة والكلية ، وهي مميزات خالصة موجودة في المعرفة الرياضية، وتتعذر في غيرها من العلوم التي تنسب إلى التجربة و لقد وقف للدفاع عن هذا الرأي عدد من الفلاسفة من العصر القديم إلى العصر الحديث أمثال أفلاطون و ديكارت وإيمانويل كانط نذكر مواقفهم فيما يلي :أ : نجد التفسير المثالي القديم مع الفيلسوف اليوناني أفلاطون الذي أعطى السبق للعقل الذي – بحسبه - كان يحيا في عالم المثل ، وكان على علم بسائر الحقائق ، ومنها المعطيات الرياضية الأولية التي هي أزلية وثابتة مثل المستقيم و الدائرة و التعريف الرياضي ويقول في هذا الصدد "الدائرة هي الشكل الذي تكون جميع أبعاده متساوية عن المركز" ب : أما الفيلسوف الفرنسي روني ديكارت يرى أن المعاني الرياضية من أعداد و أشكال رياضية هي أفكار فطرية مثل فكرة الله وما يلقيه الله في الإنسان من مفاهيم لا يجوز فيه الخطأ . وديكارت قبل أن يصل إلى رسم منهجه المعرفي و اكتشافه لفكرة الكوجيتو كان قد شك في كل المعارف التي تلقاها من قبل إلا المعاني الرياضية التي وجدها تتميز بالبداهة والوضوح وعلى منوالها فيما بعد بنى نظرتيه المعرفية مؤسسا للمذهب العقلي .ج : أما زعيم الفلسفة النقدية الفيلسوف الألماني كانط يعتبر أن المكان و الزمان مفهومان مجردان سابقان لكل تجربة و لا يمكن للمعرفة أن تتم إذا لم تنتظم داخل إطار الزمان والمكان القبليان .النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية مجردة فإنه لا يمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات الحسية وإلا كيف يمكننا أن نفسر الاتجاه التطبيقي للهندسة والحساب لدى شعوب الحضارات الشرقية القديمة .2 - نقيض الأطروحة والبرهنة : إن المفاهيم الرياضية مثل جميع معارفنا فيما يراه الحسيون والتجريبيون أمثال جون لوك و دافيد هيوم وجون ستيوارت مل لم ترد على الإنسان من أي جهة أخرى غير العالم الواقعي الحسي أو التجريبي فهو مصدر اليقيني للمعرفة ، وبالتالي لجميع الأفكار والمبادئ ، وأن كل معرفة عقلية هي صدى لإدركاتنا الحسية عن هذا الواقع ، وعلى هذا الأساس تصبح التجربة المصدر اليقيني لكل معارفنا ، وأنها هي التي تخط سطورها على العقل الذي هو شبيه بالصفحة البيضاء ، وليس ثمة في ذهنه معارف عقلية قبلية مستقلة عما تمده لنا الخبرة وتلقنه له الممارسات والتجارب ، و في هذا يقولون " لا يوجد شيء في الذهن ما لم يوجد من قبل في التجربة " .وأدلتهم كثيرة نبينها فيما يلي : أ : فمن يولد فاقد للحاسة فيما يقول هيوم ، لا يمكنه بالتالي أن يعرف ما كان يترتب على انطباعات تلك الحاسة المفقودة من أفكار . فالمكفوف لا يعرف ما اللون والأصم لا يعرف ما الصوت . أما مل يرى أن المعاني الرياضية مثل النقاط والخطوط والدوائر " مجرد نسخ "جزئية للأشياء المعطاة في التجربة الموضوعية . ولهذا ، فإن الرياضيات تعتبر عند مل وغيره من الوضعيين المعاصرين علم الملاحظة .ب : توجد شواهد أخرى تؤيد موقف التجربيين منها أصحاب علم النفس وأصحاب علم التاريخ . فالطفل في نظر علماء النفس في مقتبل عمره يدرك العدد مثلا ، كصفة للأشياء وأن الرجل البدائي لا يفصله عن المعدود ، إذ نراه يستخدم لكل نوع من الأشياء مسميات خاصة ، وأكثر من ذلك فلقد استعان عبر التاريخ عن العد بالحصى وبالعيدان وبأصابع اليدين والرجلين وغيرهما وهذا ما يدل على النشأة الحسية والتجريبية للمفاهيم الرياضية بالنسبة للأطفال والبدائيين لا تفارق المجال الإدراكي الحسي وكأنها صفة ملابسة للشيء المدرك . وأكد الدارسين لتاريخ العلم أن الرياضيات قبل أن تصبح معرفة عقلية مجردة قطعت مرحلة كلها تجريبية فالهندسة ارتبطت بالبناء والتصاميم وتقدير مساحات الحقول والحساب ارتبط بعد الأشياء فقط من أجل تحديد القيمة . الجمع والطرح والقسمة الضرب وهذا ما نجده عند الفراعنة والبابليين . النقد : لكن مهما بدت هذه المعاني الرياضية محسوسة وتجريبية فإنه لا يمكن القول بأنها مستقلة عن المعطيات العقلية التجريدية وإلا كيف يمكننا أن نفسر المطلقية في الرياضيات " لرياضيات تكون صحيحة متى ابتعدت عن الواقع" وتأثيرها على جميع العلوم إلى درجة أصبحت معيار كل العلوم .3- التركيب : المفاهيم الرياضية وليدة العقل والتجربة معا ، نجد أن المهذبين المتعارضين في تفسير نشأة المفاهيم الرياضية قد فصلوا تماما بين العقل والتجربة ، رغم أن تاريخ الرياضيات يبين لنا أن المعاني الرياضية لا يمكن اعتبارها أشياء محسوسة كلها ، ولا مفاهيم معقولة خالصة ، بل يمكن أن يتكاملا معا لتفسر نشأة المعاني الرياضية ، لأن هذه المعاني لم تنشأ دفعة واحدة ، بل نمت وتطورت بالتدرج عبر الزمن ، فقد بدأت المفاهيم حسية تجريبية في أول أمرها ، ثم تطورت وأصبحت مفاهيم استنتاجيه مجردة ، بل تعبر عن أعلى مراتب التجريد ، باستعمال الصفر ، الأعداد الخيالية ، والمركبة ، والمنحنيات التي لا مماس لها ...لهذا قال " بياجي " : " إن المعرفة ليست معطى نهائيا جاهزا ، و أن التجربة ضرورية لعملية التشكيل و التجريد" .3 -حل المشكلة : وعليه يمكن القول : إن الرياضيات هي عالم العقل والتجريد ، وليس هناك حد يقف أمام العقل في ابتكار المعاني الرياضية ، وفي الكشف عن العلاقات ، وتوظيفاتها ، وهي حرية لا يحدها سوى أمر واحد هو الوقوع في التناقض . وهذا ما يؤدي إلى الخطأ أو فساد النسق الاستدلالي .المقالة التاسعة عشر : فند الأطروحة القائلة : " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " استقصاء بالرفع1 طرح المشكلة : إذا كان الإنسان يتفوق على بقية الكائنات بالعقل ، وبواسطته يستطيع التفكير ، وهذا الأخير ، هو أنواع ، تفكير فلسفي وتفكير علمي وتفكير رياضي وموضوعه الرياضيات وهي مجموعة من المفاهيم العقلية المجردة ، وبالتالي فهي تدرس المقادير الكمية القابلة للقياس ، ومنهجها استنتاجي عقلي لأن الرياضي ينتقل من مبادئ عامة كالبديهيات ثم يستنتج نظريات خاصة تكون صحيحة ، إذا لم تتعارض مع تلك المقدمات ، ولقد شاع لدى الفلاسفة أن أصل المفاهيم الرياضية عقلي وبالتالي فهي فطرية يولد الإنسان وهو مزود بها ، إلا أن هذه الأطروحة فيها كثير من المبالغة والخطأ ، وهذا النقص حاول أن يظهره خصومهم من الفلاسفة الذين أرجعوا أصلها للتجربة وبالتالي فهي مركزية وهذا الذي يدفعنا إلى الشك في صدق أطروحة " المعاني الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " فكيف يمكن أن رفض هذه الأطروحة ؟ أو بعبارة أخرى إلى أي حد يمكن تفنيد الرأي القائل بأن نشأة الرياضيات كانت عقلية ؟2 محاولة حل المشكلة : أ - منطق الأطروحة إن المنطق هذه الأطروحة يدور حول نشأة الرياضيات ، حيث يرى بعض الفلاسفة وخاصة أفلاطون و ديكارت بأن المعاني الرياضية أصلها عقلي أي نابعة من العقل وموجودة فيه قبليا بعيدة عن كل تجربة حسية .المسلمات : وقد اعتمدوا على مسلمات أهمها : - لا يمكن أن تكون التجربة هي مصدر الرياضيات أي أنهم نفوا بأن تكون المعاني الرياضية مكتسبة عن طريق الملاحظة الحسية . الحجج : الحجة الأولى تتمثل في أنهم أكدوا بأن هناك اختلاف في المفاهيم الرياضية كالمكان الهندسي ، واللانهايات ، والدوال والكسور والأعداد ... والطبيعة التي لا تحتوي على هذه الموضوعات الرياضية المجردة ، مثال ذلك فالنقطة الهندسية التي لا تحتوي على ارتفاع ولا على طول ولا على عرض فهي تختلف عن النقطة الحسية التي تشغل حيزا ونفس الشيء بالنسبة للمفاهيم الأخرى . أما الحجة الثانية فقد أكدها الفيلسوف اليوناني أفلاطون حيث يعتقد بأن المعاني الرياضية مصدرها العقل الذي كان يحي في عالم المثل ، وكان على علم بكافة الحقائق بما فيها المعاني الرياضية كالخطوط والأشكال والأعداد ، حيث تتصف بأنها واحدة وثابتة ، وما على الإنسان في هذا العالم الحسي إلا بتذكرها ويدركها بالعقل وحده . ونأتي على الحجة الأخيرة التي جاء بها الفيلسوف الفرنسي ديكارت الذي أن المفاهيم الرياضية من أعداد وأشكال هي أفكار فطرية وتتصف بالبداهة واليقين ، فمفهوم اللانهاية لا يمكن أن يكون مكتسبا من التجربة الحسية لأن التجربة متناهية .ب – نقد أنصار الأطروحة : إن هذه الأطروحة لها مناصرين وهم أصحاب المذهب العقلاني والمذهب المثالي عموما وخاصة كانط الذين فسروا الرياضيات تفسيرا عقليا وهذا بإرجاعها إلى المبادئ العقلية التي يولد الإنسان وهو مزود بها حيث يعتقد كانط بأن الزمان المكان وهما مفهومان رياضيان ، وبالتالي صورتان قبليتان فطريتان ، والدليل على ذلك أن المكان التجريبي له سمك ومحدود ، بينما المكان الرياضي مستوي وغير متناهي .... لكن موقف هؤلاء المناصرين تعرض لعدة انتقادات نظرا لأنه ينطوي على نقائص أهمها :- لو كانت المفاهيم الرياضية فطرية كما يدعي هؤلاء الفلاسفة لوجدناها عند الطفل الصغير بطابعها المجرد ، لكن الواقع يؤكد أن الطفل لا يفهم المعاني الرياضية إلا إذا استعان بأشياء محسوسة كالأصابع والخشيبات ...كما انه لو كانت هذه المفاهيم فطرية في عقل الإنسان ، فلماذا لا يأتي بها دفعة واحدة ؟ مع العلم أن هذه المعاني تتطور الرياضيات عبر العصور التاريخية وهذا بظهور ما يعرف بالهندسة اللاإقليدية المعاصرة التي تختلف عن الهندسة الكلاسيكية الإقليدية وهذا يدل على أن العقل لا يعتبر المصدر الوحيد لها .إن هذه الانتقادات الموجهة لأنصار الأطروحة هي التي تدفعنا إلى البحث عن حجج و أدلة أخرى للإكثار من إبطالها ودحضها .ج – إبطال الأطروحة بحجج شخصية شكلا ومضمونا : إن أنصار النظرية العقلية المثالية قد تطرفوا وبالغوا في تفسيرهم لنشأة الرياضيات بتركيزهم على العقل وحده ، بينما هو عاجز عن إدراك هذه المعاني الرياضية أحيانا ، وأهملوا دور الملاحظة الحسية التي تساهم بدورها في وجود هذه المفاهيم ،، وهذا ما أكده أنصار النظرية التجريبية والمذهب التجريبي عموما وخاصة جون ستيوارت مل الذين يعتقدون بأن الرياضيات مكتسبة عن طريق تجربة الحسية بدليل الاستقراء التاريخي يؤكد بأن تجربة مسح الأراضي كما مارسها قدماء المصريين قد ساعدت على نشوء ما يعرف بالهندسة . كما أن الواقع يؤكد بأن الطبيعة تنطوي على أشكال هندسية بدليل قرص الشمس يوحي لنا بالدائرة ، والجبل بالمثلث لهذا يقول مل " إن النقط والخطوط والدوائر الموجودة في أذهاننا هي مجرد نسخ للنقط والخطوط والدوائر التي نراها في تجربتنا الحسية .."حل المشكلة: إذن نستنتج بأن الأطروحة : " إن المفاهيم الرياضية فطرية وبالتالي مصدرها العقل " ، باطلة وبالتالي لا يمكن الأخذ برأي مناصريها لأن الواقع و التاريخ يؤكدان بأن المفاهيم الرياضية نشأت نشأة تجريبية ثم تطورت فيما بعد إلى مفاهيم عقلية مجردة ، لهذا فهذه الأطروحة فاسدة بحجج كافية .المقالة العشرون : إذا كانت الرياضيات لا تقدم معرفة تجريبية ، ففيم تتمثل قيمتها ؟ استقصاء حر ( غير مطلوب في البكالوريا )* تعتبر التجربة مقياس أساسي نحكم به على " علمية " أي معرفة من المعارف ، ومن المعلوم ان الرياضيات علم عقلي بحت ، مجرد تماما عن ماهو محسوس ، لذلك فهي لا تقدم أي معرفة تجريبية ، والسؤال الذي يطرح هنا ؛ فيم تكمن قيمة الرياضيات إذا كانت لا تقدم أي معرفة تجريبية ؟1- إن موضوع الرياضيات هو الكميات العقلية المجردة ، التي تتميز بالثبات والاستقلالية عن الواقع المحسوس ، ولغتها الرموز من ثوابت ومتغيرات ، وليست ألفاظ اللغة العادية التي تتصف بالغموض والإبهام . ومنهجها الاستدلال العقلي ذو الطبيعة الاستنتاجية – الافتراضية ، يراعي فيه الرياضي عدم تناقض النتائج مع ما يفترضه من قضايا أولية دون الرجوع إلى الواقع الحسي . كما توصف الرياضيات بالخصوبة نظرا لتعدد فروعها ( كالجبر ، الهندسة ، الهندسة التحليلية ، نظرية المجموعات ، حساب الاحتمالات .. ) وتعدد أنساقها ( كنسق إقليدس ، نسق لوباتشوفسكي ، نسق ريمان .. ) دون ان يكون هناك تناقضا بين هذه الفروع والأنساق . كما تعود خصوبتها إلى طبيعة البرهان الرياضي ، فهو – بخلاف القياس الأرسطي – يتميز بخاصيتيه التركيبية والتعميمية ، حيث ننتقل فيه من البسيط إلى المركب ومن الخاص إلى العام .2- ان الرياضيات وان كانت من العلوم التجريدية فهي لغة العلوم التجريبية ، وتكمن قيمتها في استعانة العلوم التجريبية بها في صياغة نتائجها . حيث ان العلوم على اختلافها – سواء الطبيعية منها التي تدرس المادة الجامدة أو الحية ، أو الإنسانية التي تدرس الإنسان ومختلف مواقفه – تسعى إلى استخدام الرياضيات في مباحثها ومناهجها وصياغة نتائجها ..ولقد كانت الرياضيات حتى القرن 17 م منفصلة عن العلوم ، وحينئذ تبيّن – كما قال " غاليلي " – أن : « الطبيعة مكتوبة بلغة رياضية » ، ومادامت الطبيعة – التي هي موضوع العلم – مكتوبة كذلك – فإنه لا يصلح لفهم العلاقات التي تربط بين ظواهرها إلا استعمال لغة الرياضيات ، التي هي – حسب " بوانكاري " – « اللغة الوحيدة التي يستطيع العاِلم أن يتكلم بها » .. وهكذا بدأت الرياضيات تغزو العلوم .فلقد صاغ " غاليلي " قانون سقوط الأجسام صياغة رياضية ( ع = ½ ج x ز2 ) ، وكذلك فعل " نيوتن في قانون الجاذبية ، لتعرف الفيزياء[/font:49
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى