- akila taibiمدير المنتدى
- عدد المساهمات : 1381
نقاط : 3771
تاريخ التسجيل : 12/04/2013
طرائق تدريس الفلسفة
الأربعاء يونيو 19, 2013 7:57 pm
ممارسة الدرس الفلسفي أو طرائق تدريس الفلسفة
المجموعة المتخصصة لمادة الفلسفة
ـ ما هي الطرائق التي يجب التعويل عليها، في الدرس النظري عموما؟
إنها الطريقة الحوارية، و الطريقة الإلقائية، و الطريقة المقالية على اختلاف أنواعها.
• الطريقة الحوارية أو التوليدية Maïeutique))
1 ـ تعريفها
المقصود بها أصلا، هو فن توليد النساء؛ و تعني في الفلسفة السقراطية، فنَّ حمل المخاطب إلى اكتشاف الحقـائق التي يحملها في نفسـه، و هذا عن طريق سلسلة من الأسئلة. فلقد كان سقراط (ت.399.ق.م.) لا يدعي أبدا، أنه مدرس، بل كان يقدم نفسه، كزمـــــيل متعلم يضع نفسه دائما، على مــبدأ رحلة جديـدة للكشف، و كداع للآخريـن لكي ينضموا إليه. و كان منهجه، يبدأ بمناقشة أيِّ موضوع شائع، و يسأل سامعه عن رأيه الذي يكون عادة، مستعدا لإبدائه. و بتوالي الأسئلة، تنكشف الإجابات التي لا تتفق مع الإجابات الأولى. و هكذا، تمضي المناقشة حتى يصل الضحية إلى حالة من الحيرة التامة، و يضطر إلى الاعتراف بأنه لا يعرف شيئا عن الموضوع الذي عبر في البدء، عن رأيه فيه بكل ثقة. و بالنسبة إلى المتعلم الحاذق، تكون هذه النتيجة السلبية، هي المرحلة الأولى فقط، في عملية التربية، إذ تتداعى التحديدات الجديدة. و هذا معناه، التدرج إلى تحصيل الحقيقة، عن طريق تكوين التصورات. وهي الطريقة التي بمقتضاها، يسير الفيلسوف بمحدثيه من فروض ظاهرة الصحة إلى إبطالها، و يحمله بالتالي، إلى وضع فروض جديدة لتوليد الحقيقة.
2 ـ إشراك المتعلم
إن هذا الأسلوب الديداكتيكي يقوم على المشاركة، و ليس على الملاحظة المتحجرة، على البحث و التحليل، وليس على الوصف و المعاينة، أي مشاركة المتعلم في بناء المعارف، فيتحفز على أخذ الكلمة أكثر مما يَسْمَع، و على طرح الأسئلة أكثر مما يستقبل من معلومات، و على تقصي الإجابات الممكنة، أكثر من البحث عن الإجابة الصحيحة، و على بناء السبل، أكثر من تطبيق الوصفات. إن الأمثـل هو أن يتحرك المتعلمون في القسم، أكثر من الأسـاتذة و أنهم في نهاية اليوم، يكونون أكثر تعبا.
3 ـ دور الأستاذ
إن الأستاذ يجب أن يتقدم كمجرد وسيط بين المتعلم و المعرفة، أو كمجرد دليل، و نعم الدليل، فيحثه على البحث و الاختبار و التفكير، و يحثه في أثناء المنـاقشات، على التعبير و الحجــاج. إنه صالح لأن يكــون وسيطا ينشئ الروابــط، و متجولا يحسن التنقل من منطق إلى آخر. و هو يحدد تحديدا جد واضح، حقل الحرية الممنوحة.
1ـ ففي المقاربة التقليدية، فإن الأستاذ، كان هو الشخص الذي يعرف و يعطي و يصحح. أما الآن، فينبغي أن يكون هو مَن يوجه المتعلم إلى اكتساب كفاءات.
2ـ ثم إن الحوار الفلسفي، يفترض مسبقا، انتقال الفكر البسيط إلى الفكر النقدي و الحجاج الجدلي، وهو حجاج يفترض ترتيبات، و مهارات فكرية معقدة.
إن دوره هو أنه يخلق التموقع، فيصغي و يستفز، و يوجه و يحفز.
4 ـ إمكانات التوليد السقراطي
ينطوي هذا الأسلوب التعلمي في المجال البيداغوجي، على مغزى من حيث إنه يسمح للعلاقة بين التعليم و التعلم ـ و هي علاقة معروفة تقليديا بالخطية ـ بأن تصبح دائرية، و من ثمة، تمنح "القدرة" للمتعلمين، و تساعدهم على اكتساب الوعي بمسؤولية أكبر، أمام تعلماتهم. فعندما ينتظر الأستاذ من المتعلمين، إجابات متجانسة بل قل جاهزة، مأخوذة من كتاب مدرسي أو من فكرة، سبق الأخذ بها في عالم الراشدين، فإن المتعلمـين يخسرون جزءًا من التحفز الذاتي. إلا أنه عندما يكون إبـداعهم، و حكمهم، و تجاربهم الحياتية أعمالا محترمة، لا بل مطلوبة أيضا، فإنهم يحوزون على الفائدة و يطمحون إلى تجاوزات ذواتهم. و عندئـذ، تنتعش قـدراتهم الفكـرية و الحوارية التي يملكونها، وتتجدد.
5 ـ الحوار و بيداغوجيا المشروع
أ ـ إن تعلم التفكير الفلسفي في إطار الطريقة الحوارية، يقتضي أيضا، العمل الجماعي، و هو سلوك تدعو إليه، بيداغوجيا المشروع؛ لأن المشروع يساعد بذلك، على إدماج المهمات، و المواد التعليمية: فمنهجية المشروع، تستنجد باستحضار المعارف السابقة، و بالتساؤل عن « ماذا يجب أن أعرف؟ ». فهناك عدد من المتعلمين لا يحفظون، لأنهم يجهلون كيف يتصرفون. فالأسئلة: "كيف سلكتُ للوصول إلى ما صنعت؟" و "ماذا أخذتُ من كل هذا؟" أو "هل إنني قادر على أن أصنع هذا، بطريقة أخرى؟"… هي أسئلة، تدفـع المتعلمين شيئا فشيئا، إلى حـمل نظرة نقدية إلى أساليب صنعهم و اكتساب استراتيجيات مفيدة للتعلم.
إن المتعلم يتجه طبيعيا، إلى العمل لإنجاز المشروع الذي يحمله في رأسه. إنه يوازن بين آرائه، و آراء غيره، و ينمي هويته في العمل الجماعي، و يقوِّم عمله طوال المشروع، فيحدد أين الصواب، و أين الصعوبات، و لماذا، حتى يرى كيف يتقـدم، و ماذا يجب عليه أن يصحح، و كيف يطرح الأسئلــة التي تسمح لأصدقــائه و لأستاذه، بأن يساعدوه على التفكير، و الوقوف على الحلول؟
ب ـ إن المشروع يساعد على إعطاء التعلم مدلولَه. و يقرن الكثيرون بيداغــوجِيَا الاكتشافِ، بالرضا العــــــام و الروح الجـماعية المؤسسة على التحــاور و التشاور. أما المتعلـم المتروك لأمــره، فإنه لا يتعلم بيسر و لا بمنهجية و نجاعة، و لا يكتسب الكفاءات الموادية، و لا أمهاتها المقررة في مشروع الفريق.
فلا بد من الوصول إلى تحسيس المتعلمين، بأنهم يشكلون قسما، و أن لكل واحد مساهمة يقدمها، شريطة أن ننشئ، ثقافة التعاضد والتعاون.
ج ـ و من جهة المتعلمين، و بقصد محاربة فشلهم و صعوباتهم المدرسية، يتعين الاهتمام بطرائقهم في التعلم، وهذا، لفهم أين وصلوا، و ما هي الأشياء التي تعرقلهم. و بهذه الإرادة، و لفائدة المعلمين، يتم الحث على العمل بالكفاءات، لأن ذلك، يحملهم على انشغالهم بمشاريع المتعلمين، في وضعية التعلم.
د ـ و هذا النوع من التعــلم، يساعد من جملة ما يســـاعد، على الفكر النقــدي و حل المشكلات والعمل مع الفريق و التكفل الجماعي. و هذا النوع من النشاطات، بإمكانه، أن ينمي لدى المتعلمين، قيما و سلوكات، تساهم في إرساء المجتمع الديمقراطي.
• الطريقة الإلقائية
ما هذه الطريقة الإلقائية؟ و ما شروطها و مزاياها؟
1 ـ تعريفها
هي الطريقة التي يقدَّم فيها، الدرس كخطاب تـنتقل فيه الرسالة، من اللسان إلى السمع، و يلقى في شكل محاضرة، له من المواصفات، ما للخطاب من تفكير متماسك، و بنية منطقية محكمة، و مادة غزيرة و تامة، و لغة سليمة تسمع بصوت بليغ، و نطق صحيح.
2 ـ شروطها و مزاياها
و لكن الأخذ بهذه الطريقة، يفترض احترام بعض الشروط، أهمها:
أ ـ ألا يقـدم الدرس ـ إلقاء و إصغـاء ـ من غير كتابة عناصره، في شكل تصميم و ضبط للمصطلحات؛
ب ـ أن يدعم الإلقاء، ببعض التقنيات و الفنيـات كالتشويــق، و تلوين الصوت، و الإسماع بلغة سليمة وفصيحة، و أحيانا مسلية؛
ج ـ أن يقدم للتلميذ الهدفَ من الخطاب، مع طرح الإشكالية و احتوائه على العقدة البيـداغوجية؛
د ـ أن يجعل الأستاذ من هذه الطريقة، أداة لتنمية الحافظة لدى التلميذ، بمفهومها الديناميكي، وأن يحقق القدرات؛
هـ. أن يحضِّر الأستاذ الدرس معرفيا، بالعودة إلى الأصول:
و من شــروط نجاح هذه الطريقة أيضا، التركـيز على اتصال حلقات الدرس و ربط أوله بآخره؛ و في هذا، يحسن الاستماع، إلى ما يقول الأبلي، أستاذ عبد الرحمن بن خلدون:
«ينبغي لطالب العلم، أن لا يشتغل بما أََشكَل، حتى يختم الكتاب؛ لأن أول الكتاب، مرتبط بآخره؛ فإذا حقق أولَ العلم و آخره، حصل فهمه، و إذا اشتغل بالإشكـال وقف، و كان مانعا له من الختم. و ختم الكتــاب أصل من أصـول العــلم، و من لم يختم الكتاب في علم، و اقتصر على أوله، لم يحصل له فهمه، و لا يحل له أن يقرأه».
من مزايا الطريقة الإلقائية، تبليغ المادة المعرفية، و تنمية "القدرة" على الإصغاء أو السمع، و تفعيل الملكات العقلية من خلال تتبع التلميذ لعناصر الخطاب. و هنا، نشير إلى وجوب التكرار، و الوقوف عند بعض الأفكار.
إن الذي يجعـلنا نلح على الأخذ بهذه الطــريقة، هــو كون الطــرائق السابــقة و خاصة منها الحوارية، لم يعد لها مفعولها، بل و لم تعد تطبق كما هي، إذ أصبحت مميعة، و هــو الشيء الذي نتج عنه، تفتيـت المعـــــرفة الفــــلسفية لشكلها البنيــوي و لشموليتها. إن هذه الطريقة تخدم بحق الفلسفة، لأنها تخدم الأنساق، و المذاهب المحكمة.
إن نجاعة هذه الطريقة، مرتبطة بمدى ضبط الأستاذ لنسق الخطاب الفلسفي، و كيفية تبليغه للتلميذ، في ظل معطيات واقع متغير و متناقض.
فلا مجال إذن، لرفض الدروس الإلقائية رفضا جزافيا، لأن الواقع يثبتها، نظرا إلى أن المتعلم، يبقى دائما، متعطشا للمعرفة، و موافقا على أن يسمع الخطاب الذي لا يرضى له إلا أن يقدم بتماسك المنطق العقلي.
هذه الطريقة، يجب أن تستثمر في الحالات التي تدعو إلى استعمالها، لأنه قد يتعذر التعامل بهذه المنهجية، مع بعض المواضيع أو العناصر، و ذلك لنوعيتها.
و مهما يكن من أمر، فإنه يجب أن تترك المبادرة للأستاذ، باعتباره رجل ميدان، و إليه يعود كل نظر و تنظير، ضمن حدود الطريقة و المنهاج.
• الطريقة المقالية / تدريس الفلسفة طريق إلى بناء المقالة:
فما هي هذه الطريقة؟ و ما فائدتها؟ و ما علاقتها بالـدرس، عندما يتعلق الأمر بخدمة المقالة، انطلاقا من سؤال أو من نص؟
و هل يمكن تـنويع طرائق الدرس، بقدر عدد طرائق المقالة؟
1ـ تعريفها
إن المقصود بالطريقة المقالية، هو تقديم الدرس على الخطة المنهجية التي يُختبَرُ بها الدارس، عندما يطالب بإنجاز مقالة فلسفية. فإذا جرت العادة، أن يختبر في إحدى الطرائق التالية: الجدلية أو المقارنة أو التحليلية أو الاستقصائية، وجب أن تكون طريقة الدروس، على الاحتمالات الأربعة.
2ـ فائدتها
إنه لا يعقل، أن نمارس التعليم دون أن نَعْلَم ماذا ندرِّس، و لا يعقل، أن ندرِّس دون أن نعرف الأهداف التي ننشدها. أما النهج الذي نختاره كهمزة وصل بين منطلق الدرس، و مبتغاه، فإنه تتحكم فيه، عدة شروط متداخلة، منها طبيعة الموضوع و نوع الأهداف المرتسمة، و خبـرة المدرس و شخصيته، و مستوى الدارسين في التكوين. و إذا ثبت لنا ذلك، عرفنا أنه، لا معنى للدرس في التعليم الثانوي، إذا لم يكن مدخلا أو نموذجا يحتذى به، من الناحية المنهجية على الأقل. فهو في هذا الطور من التعليم، يرتبط بامتحان شهادة البكالوريا، و الفوزُ فيها، يتوقف على العلاقـة المثمرة بين إنجـاز الـدرس، و إنجاز المقالة؛ و الفوز فيها أيضا، معناه فــوز الـمادة و أساتذتِها و تلامذتها المتعلمين وتعليميتها.
فالطـريقة المقــالية هي، إذن طـريقة تجتمع فيها، حاجة المتعلم النظرية، و حاجته التطبيقية، حيث يتعلم المقالة عن طريق الدرس.
3 ـ علاقتها بالدرس الفلسفي
إن علاقتها بالدرس، تتجلى في مستويات ثلاثة: في مستوى العلاقة المنهجية، و في مستوى العلاقة العملية-السلوكية، و في مستوى العلاقة التسخيرية.
أ ـ علاقة منهجية
إن لهذه العلاقة، أهميةً أساسية من الناحية البراغماتية، إذ لم يعد المقصِد تقديمَ معرفةٍ للتلميذ من خلال الدرس: إن المقصِد الأساسي الذي يجب أن يسعى إليه الدرس، هو أن تكون له، وظيفة منهجية. فبإلمام المتعلم بشتى النظريات والمواقف، و بامتلاكه للمادة المعرفية، دون اقتران ذلك، بطريقة الاستعمال، كل ذلك، لا يعد إلا عمـلا مجانيا لا نفع فيـه . و عليه، فإن الدرس الفلسفي، يهتم بنمو القدرات العقلية و تحويلها إلى كفاءات، كالنقد و التحليل والمقارنة و البحث، و يسعى إلى دفع التلميذ، إلى استعمال أسلوب الحجاج و أسلوب الاستدلال. و إننا بعملنا هذا، لـننمي لديه، الملكة على التفكير المحكم، و استخدام أساليب التدعيم، و النقد، و التحليل المنطقي، و حب التنظيم.
إن البرنامج المقرر، يحتوي على جملة من الكفاءات، و على محاور معرفية محددة، تختلف شكلا و مادة، حسْب الشعبة، و السنة الدراسية. و نحن مطالبون بتدريسه كاملا، و تبليغ ما يتضمنه من مسائل، و تجسيد أهدافه ميدانيـا. وما كنا لنستطـيع ذلك، لولا توفر وسائل تربـوية، من دروس و نصوص و كتب.
ب ـ علاقة عملية- سلوكية
و لكننا على الرغم من استخدامنا لهذه الوسائل ـ إذا تحدثنا عن الفترات الأخيرة ـ فإننا لا ندعي بأننا تجاوزنا الأهداف النظرية المرسومة للارتقاء إلى واقع السلوكات، و الممارسات لدى تلامذتنا، لأن الاكتفاء بالاستقرار في هذه الغايات المجردة، لا يضمن لنا إطلاقا، أنهم تمكنوا من البرنامج، تمكنا سلوكيا و ميدانيا.
و هنا، نود التركيز على أنه لا يجب أن تذهب جهودنا المدرسية عبثا؛ فإذا نحن اجتهدنا، فلا بد من أن يكون اجتهادنا هادفا و ملتزما. و انطلاقا من هذا المبدأ، و بوحي من منطق النجاعة، يحق لنا أن نتساءل: من هو المتعلم الموفق؟ فهل هو الذي يهضم الدرس بكل تفاصيله، أو هو من ينجح في بناء مقالة فلسفية؟ فإذا كنا نعرف أن الناجح في البكالوريا مثلا، هو الناجح في المقالة، عرفنا ما هو المقصِد الأساسي الذي يجب أن يسعى إليه الدرس الفلسفي. إن الأستاذ الذي لا يدرك هذه الحقيقة، يُخشى أن يقف تأثيرُ مهمته، عند باب القاعة؛ و ذلك، لأننا نلاحظ أن التلاميذ المتعلمين يهضمون أحيانا، كل الدروس، حفظا و استظهارا أو فهما و إدراكـا عن طريق الشرح و الإلقاء، و لكنهم يجدون صعوبة، في إنجاز مقالة. و خلاصة ما يعني هذا، هو أننا في دروسنا، نقدم لهم الوسيلة الخرساء، و نسكت عن طريقة استعمالها. و هذا يعوقهم بالطبع، عن تحويل قدراتهم الكامنة، إلى عمل ملموس. إنهم يجدون أنفسهم ضائعين بين الدروس و النصوص و الكتاب من جهة، و بين المقالة من جهة أخرى، و لا يدركون جيدا، العلاقة بين هذا و ذاك حيث لا تنسيق و لا تكامل؛ و كأن الدرس مثلا، أمام هذا التشتت و التفكك، مستقل عن المقالة تمام الاستقلال.
و نحن لا نفشي سرا، إن قلنا بأن تلامذتنا أصبحوا اليوم، يميلون أكثر إلى التقدير و الحسابات، بحكم قلقهم على مصائرهم، و حرصهم على تحقيق أهدافهم المنشودة، و بحكم إيمانهم بالفلسفة البراغماتية.
ج ـ علاقة تسخيرية
إن الهدف من هذا الكلام، هو السعي إلى تسخير كل نشاطاتنا، و على رأسها الدروس، خدمة للمقالة المكتوبة فضلا عن المنطوقة. و عليه، فلم يعد يكفي الأستاذَ عرضُ الدرس ـ مهما كانت هيكــلته ناجحة، حيث "يُشكـلِنُ" و يحــلل و يستـدل و يمثل و يستنتج ـ بل أضحى ساعيا إلى البحث عن سبل تسخيره لتوصيل محاور البرنامج، و لإعداد التلميذ لإنجاز المقالة بوجه أخص. و انطلاقا من هذا المسعى البيداغوجي، يكون التلميذ ـ بـدءا من فهمه للدرس ـ قد تقدم في الاطلاع على المسائل المقررة، و قد تهيأت له أسباب تحليل المقالات و بنائها.
لقد أهملنا هذه العلاقة الموجودة بين الدرس و المقالة، و تسببنا أحيانا، في تشــويش الصورة السليمة التي كان يجب أن نحملها عن المقـالة، إلى تلامذتنا. هذا، و إن طمس هذه العلاقة أو تجاهلها، و الاعتقاد بأن الدرس لا يخدم المقالة، و أن كل واحد منهما مستقل عن الآخر استقلالا مطلقا، لهو انزلاق منهجي و تربوي خطير؛ على أن هذا، لا يعني بتاتا، الخلطَ بينهما، و تذويبَ خصوصيات كلٍّ منهما.
إن المنطق التربوي يقتضي أن نطالب التلميذ بما يتلقاه في حصص الـدروس. فإن كان ما يتلـقاه فيها، لا يمكنه من الاهتـداء بها إلى المقـالة ـ فضلا عن أننا إذا كلفناه ببناء مقال، لا نعززه بنموذج ـ فإنه لا يحق لنا عندئذ، أن نَقْلـَقَ لفشله، لأن العيب عيبُنا، و لأننا فسخنا معه، عقد النجاعة.
هذا، و يحملني أسلوب الإيضاح إلى القول، بأن هناك من جهة، فرقا بين أن نشرك المتعلم مثلا، في صناعة أحذية، و نطالبه بعد ذلك، بصناعة حقائب، و بين أن نعلمه المبدأ المشترك في الصناعتين، من جهة أخرى. فنحن لسنا مطالبين بتعليم التلميذ كيف يدرِّس الفلسفة، و إنما بتعليمه كيف يجب أن يستثمر الدرس لإنجاز مقالة و ما تفترضه من كفاءات أو لحل وضعية مشكلة. و أكثر من هذا، لنا أن نتساءل ببعض الجرأة المشروعة: ما هو العيب إن سايرناه حتى في بناء مقالته ، و ساعدناه بتقديم تعليمات و توجيهات؟ إن المدرب الرياضي مثلا، لا ينتهي من توجيه نصائحه إلى لاعبـيه في الميدان، في أثناء المنافسات، و أن المترشحين للبكالـوريا، يسمح لهم ـ في مادة الرياضيات ـ باستعمال الجداول، والآلات الحسابية. و عليه، فنحن لا نخل بالمقاييس البيداغوجية، إن تقرر لدينا، الشروع في التفكير في إعداد وصفة خاصة في هذا الاتجاه. و لـْـنبادر بتثبيت هذا المشروع، بالتأكيد على هذا المبدأ : تدريس الفلسفة طريق إلى بناء المقالة.
عن المجموعة المتخصصة لمادة الفلسفة ( الأستاذ أوبليل .ح )
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى